الحكمة تقول: الكلام الكثير قد لا يؤدي إلى نتائج، بينما العمل المستمر يقود إلى النجاح، تقدم هذه الكلمات نظرة نقدية حول دور مقاهي الشيشة في المجتمع، رغم أن هذه المقاهي تعتبر مواقع اجتماعية مشهورة، فإنه قد يتم التغاضي عن بعض الجوانب المقلقة المرتبطة بها، سواء من حيث التأثيرات الصحية أو في ترويجها لثقافة النقاش السطحي على حساب العمل الفعّال والمثمر.
جاذبية مقاهي الشيشة
باتت مقاهي الشيشة تحظى بشعبية متزايدة، خاصة بين فئة الشباب، ولا تتمثل جاذبيتها في الأجواء المريحة والمحادثات المتدفقة فحسب، بل أيضًا في تقديم أنواع التبغ المنكهة المعروفة باسم “المعسل“، ووفقا لمنظمة الصحة العالمية، يمكن إرجاع الارتفاع الكبير في شعبية تدخين الشيشة إلى فترة التسعينيات، بعد ظهور هذا النوع من التبغ بنكتهاته المختلفة.
المنظرون والإفراط في التنشئة الاجتماعية
توفر هذه المقاهي توفر مكاناً للمناقشة الحيوية، إلا أنها في الوقت نفسه تفرز عن غير قصد مفكرين من ذوي الكراسي “المنظّرين”، وقد ينغمس الناس في كثير من الأحيان في المحادثة دون ترجمة أفكارهم إلى أفعال ذات معنى أو جدوى، وهذا الإفراط في التواصل الاجتماعي، والذي تعزوه منظمة الصحة العالمية جزئياً إلى ثقافة المقاهي والمطاعم، يهدد بإضعاف التركيز على الأهداف الملموسة.
التقليل من المخاطر الصحية التي تدعمها نتائج منظمة الصحة العالمية
تجدر الإشارة هنا إلى أن الشيشة ليست بديلاً أكثر أمانًا للسجائر، فجلسة الشيشة لمدة ساعة يمكن أن تعرض الشخص لمستويات من النيكوتين تعادل تدخين علبة سجائر كاملة، وتسلط النشرة الاستشارية الصادرة عن منظمة الصحة العالمية الضوء على أن الدخان ليس ساماً فحسب، بل يشمل أيضاً مزيجاً خطيراً من المواد المسرطنة والمعادن الثقيلة.
علاوة على ذلك، قد يكون التدخين السلبي الناجم عن الشيشة ضاراً أيضاً، مما قد يعني التعرض لمشاكل صحية شاكلة، وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، يؤدي تدخين الشيشة إلى انبعاث مواد سامة أعلى من تدخين السجائر، منها ثاني أكسيد الكربون والهيدروكربونات العطرية المتعددة الحلقات والألدهيدات المتطايرة.
فجوات السياسات وتأثير وسائل التواصل الاجتماعي
من بين أسباب الانتشار المتزايد لتدخين الشيشة هو عدم وجود سياسة تشريعية محددة، وهنا تشدد منظمة الصحة العالمية على الحاجة إلى تشريعات وتدخلات محددة الهدف لمعالجة هذا الشكل المختلف لاستهلاك التبغ، ومن خلال ترويجه عبر وسائل الإعلام، فإن تدخين الشيشة آخذ في الارتفاع بشكل مثير للقلق، وغالباً ما يكون ذلك دون الوعي بالمخاطر المرتبطة به.
العمل مقابل الكلام
وفي ضوء هذه المخاطر الصحية التي لا تحظى بالتقدير الكافي وتجميل ثقافة الشيشة، تبدو فضيلة العمل المركز أكثر إلحاحاً، وبالتالي فإن توجيه الساعات التي يقضيها في مقاهي الشيشة نحو الأنشطة البناءة يمكن أن يؤدي إلى مكاسب ملموسة، مما يؤكد مقولة “كل عمل يؤدي إلى النجاح”.
ثقافة الكلام الفارغ
رغم أن مقاهي الشيشة لها جاذبية اجتماعية، إلا أنها تفرض مجموعة من الأمور التي هي أكثر من مجرد مسائل سطحية، تتراوح هذه المخاوف من تعزيز ثقافة الكلام الفارغ إلى الآثار الصحية بعيدة المدى، وفي ضوء النتائج التي توصلت إليها منظمة الصحة العالمية، يصبح من الأهمية بمكان إعادة تقييم البيئات التي نختار الانخراط فيها وتوجيه تركيزنا نحو السبل المفيدة للنمو الفردي ورفاهية المجتمع.
نبذة عن الكاتب:
هبة الله المنصوري، كاتبة إماراتية، حاصلة على ليسانس كلية الآداب قسم فلسفة، علم اجتماع، علم النفس، جامعة بيروت التابعة لجامعة الإسكندرية، دورة في الإعلام ومجال التسويق والاتصال، مؤسسة البيان للصحافة والطباعة والنشر، رئيساً تنفيذياً لشركة BIZ COM للاستشارات الإعلامية. إضافة إلى دورها القيادي في الشركة، شاركت المنصوري في تأسيس مينانيوزواير MENA Newswire ، وهي شركة مبتكرة في مجال التكنولوجيا الإعلامية، والتي تعمل على تحويل نشر المحتوى من خلال نموذج المنصة كخدمة. وتساهم المنصوري في الاستثمار في نيوزي Newszy ، مركز توزيع الأخبار والذي يعمل بالذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى ذلك، فهي شريكة في Middle East & Africa Private Market Place (MEAPMP)، وهي منصة إعلانات (SSP) المستقلة الناشئة في المنطقة ، تحاول اكتساب خبرة في مجال التسويق الرقمي والتكنولوجيا.